البدايات

لليان تراشر في سحابة الشهود
لليان تراشر

ولدت “لليان تراشر” في 27 من سبتمبر 1987 في مدينة “چاكسونڤيل” ولاية “فلوريد” في أمريكا ولا تذكر لنا ماما “لليان” (كما يدعوها الآلاف) أي شيء عن تلك الفترة المبكرة جدا في حياتها.لليان تراشر صغيرة وبسبب تدهور الحالة المادية للأسرة انتقل والداها للعيش في “برونسويك” في اقصى جنوب ولاية “جورجيا” في بيت خشبي بسيط وفي هذه البلدة كبرت “لليان”، وكونت بعض الصداقات المميزة كعائلة “ماسون” السيدة “أنّا” و أبنها “إد” وابنتها “جيردي” التي أصبحت صديقتها والحصان “ديزي” الذي تلقبه “لليان” أنحف حصان في العالم وهناك أيضا وبالقرب من منزل عائلة “ماسون” قدمت “لليان تراشر” حياتها مكرسة لخدمة الرب يسوع عندما ركعت في الغابة القريبة تحت شجرة قديمة بعد أن حضرت الكثير من اجتماعات الصلاة بمنزل “ماسون”، وبالرغم من أن “لليان” لم تكن لديها الجرأة للصلاة بصوت مرتفع إلا إنها تشجعت وبدأ قراءة الكتاب المقدس وعند هذا المكان بالذات ركعت “لليان” مصلية ومسلمة حياتها للرب يسوع ليكون رباً على حياتها وصاحب الكلمة الأولى فيها . كان هذا قبل خمس سنوات من انتقال عائلة “لليان” من “برونسويك” الى “أشفيل” بولاية “كارولاينا” بعد أن حصل والدها على وظيفة أفضل، ولكن “لليان” لم تنس ابدأ أصدقائها القدامى في “برونسويك” وبالذات عائلة “ماسون” التي سيكون لها دوراً في خطة الله لماما لليان في المستقبل نحو الخدمة.

الأحلام مقابل خطة الله.

كأي إنسان، كان لمس “لليان” أحلام وطموحات في عالمنا هذا، فقد كانت كفتاة شابة تخطط لمستقبلها بشكل جيد. وترسم لحياتها ومستقبلها بعناية. أتقنت “لليان” الرسم كهواية ودراسة. وكانت تأمل في الحصول على وظيفة جيدة كرسامة في إحدى المجلات، لذلك تعلمت “لليان” الرسم وبعد أن أنهت دراستها. كانت “جيني” أخت “لليان” الكبرى هي مصدر الهام لها في الحياة فقد استقلت “جيني” بنفسها بعد أن حصلت على وظيفة كاتبة اختزال وربحت من المال ما يكفي لشراء منزل صغير لها في الغرب في “لونج بيتش” بولاية “كاليفورنيا” يطل على المحيط>

كان الأمر مشجعا للفتاة “لليان” لتنطلق إلى الحياة مثل أختها الكبرى وتحقق أحلامها أيضاً. جهزت “لليان” بعضاً من أفضل رسوماتها وانطلقت بالقطار بعد توديع عائلتها قاصدة “أتلانتا” بولاية “جورجيا”. كان ذاهبة إلى هناك لتقدم في وظيفة رسامة بجريدة “جورجيا” حيث حدد لها موعدا لتلتقي مدير المجلة السيد “هوارد”.

مقابلة ودية في القطار..

ماتي بيري

كانت “لليان” في رحلة عادية بدايتها من “أشفيل” في “كارولينا” إلى “أتلانتا” في “جورجيا” لتقدم إلى تلك الوظيفة بجريدة “جورجيا”. هكذا كانت الخطة البشرية، ولكن الله جهز للآنسة “لليان تراشر” مقابلة من نوع خاص وغريب في ذلك القطار.  جلست “لليان” وبجوارها كانت تجلس سيدة تدعي ” ماتي بيرى”، تقرأ كتابها المقدس. لاحظت السيدة “ماتي” الفتاة التي تجلس بجوارها فتركت الكتاب المقدس وبدأت تحكي قليلاً مع لليان. إلى أين أنت ذاهبة؟ … سألتها السيدة “ماتي”.. أجابتها لليان تخبر السيدة “ماتي بيرى” بتفاصيل رحلاتها إلى “أتلانتا”. قالت المرأة أحقاً!!! أعرف أننا في العام 1905، ولكن فكرة أن تعيش فتاة مستقلة بمفردها تبدو صعبة. هل يمكنك تدبير أمورك؟ أجابت “لليان” اعتقد ذلك. لقد جهزت نفسي بما يكفي للحصول على الوظيفة التي ستؤمن لي ما أحتاجه.

عرفت السيدة “ماتي بيري” نفسها باسم الآنسة “ماتي بيري” وقالت، ولكنك لن تعرفي ذلك من عدد الأطفال الذين يعيشون معي في المنزل.  كانت “ماتي بيري” تخدم الرب برعاية الأيتام في بيتها “ملجأ الإيمان” في “ماريون بنورث كارولينا” وكانت ترعي نحو 100 طفل وقالت، ولكن الكثيرين يأتون من وقت لآخر. سألتها “لليان”: ومن أين تأتي المصاريف؟؟  قالت “ماتي بيرى”: الأمر بسيط! أنا أرعي الأطفال والرب يسدد كل الاحتياجات.!!

فلا يوجد وقت كافٍ عندما يكون لديك هذا العدد الكبير للاعتناء به يا عزيزتي. إنها الحياة بالإيمان فليس هناك نهاية لما تسطيعي أن تعملي إن كنت تتبعين خطتك الله في حياتك، وتثقين به. “الإيمان” في “ماريون بنورث كارولينا” … أمور غريبة تحدث هناك وسأصلي من أجلك. عشرة دقائق فقط كانت مدة الحديث بين “لليان” و”ماتي بيرى” وقت قصير لنا ولكنه وقت كافٍ لصاحب الكلمة العليا في حياة لليان ليضع البذرة الأولي لما سيكون فيما بعد أعظم عمل مع الأيتام في الشرق الأوسط ومن أكبر الملاجئ في العالم.

الأماني المحطمة:

بالعودة الى خطة “لليان” التي رسمتها لنفسها بعد أن استقرت في منزل عائلة “ماسون” جهزت أوراقها ورسوماتها، وفي اليوم التالي وجهت نظرها صوب “أتلانتا” لتقدم في الوظيفة التي تأمل في الحصول عليها.  في مقر جريدة “جورجيا” التقت “لليان” بالسيد “هوارد” المدير المسؤول وقدمت له أوراقها الذي نظر إليها سريعا واعتذر لضيق وقته وطلب منها العودة اليوم التالي واعدا إياها بالوظيفة مثنيا على رسوماتها الجميلة.  في اليوم التالي ذهبت “لليان” لمعرفة نتيجة التقدم للوظيفة، ولكنها لم تجد السيد “هوارد” ولكنها وجدت شخصاً أخر أخبرها أن الوظيفة أخذها آخر رشحه السيد “هوارد” بنفسه حتى رسوماتها لم تجدها فأخبرها هذا الشخص وهو السيد “ويتنج” ان تأتي فيما بعد لتأخذ الرسومات الخاصة بها نظرت “لليان” بأسف إلى المكتب المكتظ وقالت أين سيجد رسوماتي وسط هذه الفوضى على أية حال.  عند عودة “لليان” إلى بيت “ماسون” كانت متعبة ومتعكرة المزاج جدا وحزينة لضياع الوظيفة فنامت شاكرة الله أن أهل البيت لم يلاحظوها وهم مشغولين بأعمالهم. بعد بضع ساعات استيقظت “لليان” وتذكرت مرة أخرى أنهم رفضوها في الوظيفة، ولكنه بسرعة بدأت تخطط مرة أخرى ماذا ستفعل بسرعة تذكرة “لليان” الآنسة “ماتي بيرى” فبحثت عن العنوان المكتوب على ورقة في حقيبتها وبدون تردد أو شك قررت “لليان” أن تذهب الى “ماريون” في “نورث كارولينا” إلى “ملجأ الإيمان” تقبلت “لليان” الفكرة بسرعة بإيمان أن الرب له خطة في حياتها وهو قرر لها شيئاً أفضل.

مفاجأة السيد هوارد

وقبل أن تذهب “لليان” لملجأ الإيمان عرجت مرة أخرى الى “أتلانتا”، فربما تجد رسوماتها وهناك كانت في انتظارها مفاجأة أخرى!!. وجدت السيد “هوارد” مرة أخرى وهذه المرة كان غاضبا، وقال لها لماذا لم تأتِ لاستلام الوظيفة لقد رتبت كل الأمور لك لاستلام الوظيفة. تفاجأ “لليان” وقالت، ولكنني أتيت وقال السيد ” وايتنج ” أن هناك أخرى قد رشحتها لهذه الوظيفة أجاب السيد “هوارد” أنه أنت هذا الشخص وهذه رسوماتك وقد كتبت لك خطاب ترحيب لا أعرف كيف اختلط عليه الأمر لقد انتظرت بضعة أيام ولكنك لم تأتي ففي النهاية رشحت أخرى واستلمت الوظيفة أنا حقا أسف.  نهضت “لليان” وقالت لا تكن أسفاً فمستقبلا رائعا ينتظرني شكرا على كل شيء وخرجت وسط ذهول السيد “هوارد”.

ملجأ الإيمان في “ماريون”:

ذهبت “لليان” الى “ماريون” دون أن تخبر عائلتها في البداية لأنها كانت متأكدة أن أباها سوف يرفض. كان ذلك بعد أسبوع من نهاية لقائها في جريدة “جورجيا”.  في “ملجأ الإيمان” بدأ الخطة الحقيقة لعمل “لليان” في رعاية الأيتام. تعلمت فيه كيف تعيش بإيمان وكيف تخدم الكثير من الأطفال. كان على لليان أيضا ان تتعلم كيف تعيش بالإيمان بدلا من الاعتماد على أبيها في تسديد احتياجاتها، فبعد فترة في العمل في الملجأ والذي عملت فيه لخمس سنوات احتاجت الى حذاء ولم يكن معها نقود و صَلّت “لليان” أن يرسل لها حذاء وفي يوم أتي تبرع إلى الملجأ به حذاء على مقاسها ولكنه رجالي. فرحت “لليان” به جدا حتى عندما بدأ الأولاد يرسمونها بحذاء كبير لا يتناسب مع مظهرها قالت “لليان” لقد صليت إلى الله من أجل حذاء وهذا ما أرسله الله وأنا أقبله !. يا له من قلب متضع وجميل وخاضع. نعم كانت هذه “لليان تراشر” ولا نتعجب ابدأ بماذا يصنع الله بقلب متضع مثل هذا.  كانت “لليان” تعيش ببساطة حياة الإيمان، حتى النقود التي تأتي إليها كمساعدة لها شخصية كانت تهبها لمس “بيرى” لتسديد احتياجات الملجأ الكثيرة.

توم”. “خطيب “لليان

تعرفت “لليان” على “توم” في مزاد خيري لمساعدة الملجأ أعدته المدرسة المحلية واشترى “توم” الصندوق بأعلى سعر ووقتها سألها الزواج. كان “توم جاسون” خادما للإنجيل، وشخصا خلوقاً، ومؤمنا، وكارزا. وبعد ذلك بدأت “لليان” في تجهيز نفسها للزواج من “توم” فاشترت قماش لتخيط لنفسها فستان الفرح توفيرا للنفقات. كانت الزواج مخططا له في صيف عام 1910. وقبل الزواج بعشرة أيام ذهبت “لليان” للاستماع إلى مرسلة إلى بلاد الهند وخلال العظة انهمرت دموع “لليان” وبدأ صوت الرب واضحا لها هذه المرة أيضا، أنه يريدها أن تذهب لتخدمه مرسلة قامت “لليان” بأخبار خطيبها الذي قال لها بكل ألم أنه ليس مدعواً للإرسالية يمكنها أن تخدم الرب معه، ولكنها كانت واثقة من دعوة الله لها وهكذا انتهت علاقتها بتوم.

مقابلة القس “برلسفورد“:

كانت لدي “لليان” دعوة للذهاب إلى “أفريقيا”. ولكن لا تعلم إلى أين ولا كيف ستذهب لأنها لم تكن تملك أي موارد للسفر وفي “واشنطن” تقابلت مع القس “برلسفورد” وزوجته، الذين كانا يخدمان الله في مصر في مدينة “أسيوط “وعندما سألها القس “برلسفورد”:

هل هناك مكان معين أنتِ ذاهبةً إليه؟ قلت لا أعلم حتى الآن.

هل هناك كنيسة تدعمك وسترسلك في العمل المرسلي؟ قالت لا يا سيدي ليس لدي كنيسة لدعمي فلست عضوا رسميا في أي كنيسة، ولكن كنيسة النهضة في “أشفيل” ستصلي من أجلي.

بالتأكيد عائلتك تعضدك وتمولك بالمال اللازم لخدمتك؟ سألها القس “برلسفورد”. هنا شعرت لليان بالارتباك، وهي تجيب: الحقيقة لا!. أنهم يتمنون ألا أذهب.

هنا تدخلت زوجة القس “برلسفورد” باندهاش إذا أنت ذاهبة الى أفريقيا ولا تعلمين إلى أي أنت ذاهبة ولا يوجد معك مال كاف للرحلة وليس هناك من يدعمك. أجابت “لليان” بصدق ” جناب الراعي ليس معي سوى دولار واحدا “. لا!. لا! . قالت القس “برلسفورد” هذا امر لا يمكن السكوت عنه. أنت في طريقك لمهمة مجنونة لا يوجد لك مكان، أنت لا تعرفين اللغة وليس معك أموال عليك العودة الى بيتك والاعتذار لعائلتك فورا على كل هذه المتاعب والقلق الذي سببتها لهم أفكارك بدون أي جدوى.

انتهي الحديث هذه الليلة ونامت “لليان” وهي تفكر في كلمات القس “برلسفورد” ربما يكون على صواب، ولكن في اليوم التالي تقابل معها مرة أخرى وهذه المرة كان لديه جديد الكلام عما سبق في البداية اعتذر لها وقال أعرف أن الله يصنع بالإيمان أعمال عظيمة، ولكننا اعتدنا على العمل بطريقة منظمة لذلك يبدو الامر بالنسبة لنا غير معقول ومستحيلاً، على كل حال نرى إن لديك إيمان والله يعمل بطرق مختلفة وهذا ما يتطلبه الأمر ” الإيمان ” ثم قال لها لا يمكنني عرض المال عليك، ولكن لدي عمل أقوم به في أسيوط في مصر إن استطعت الوصول إلى هناك يمكنك العمل معنا ونستطيع توفير الطعام والإقامة.

“أسيوط

في نوفمبر من العام 1910 وبعد الإبحار لمدة شهر ويومين وصلت السفينة التي تقل “لليان” الى ميناء “الإسكندرية” ومنها اتجهت نحو الجنوب الى الصعيد الى مدينة “أسيوط” حيث خدمت مع إرسالية القس “برلسفورد” في أسيوط حتى تغير كل شيء بعد بضعة شهور وبالذات في شهر فبراير من العام 1911. رحلة الإيمان في حياة “لليان” لم تبدأ بعد ودعوتها لم تتبلور حتى الان ولكنها بالتأكيد وصلت إلى المكان الصحيح بعيدا جدا عن عائلتها في “الولايات المتحدة” حيث الحياة وسط العائلة إلى مكان يصعب العيش فيه لأصحابه فما بالك بفتاة صغيرة.   “أسيوط” كانت الخطة التي رتبها الله لحياة “لليان تراشر” المباركة التي سيظل اسمها خالداً مرتبطاً دائما بخدمة اليتامى والأرامل في مصر وقدوة لكثيرين أثرت “لليان تراشر” في حياتهم لحذو حذوها نحو خدمة السيد الرب.

وللحديث بقية…

عودة إلى صفحة حياة ماما لليان تراشر

1 thoughts on “البدايات

  1. dobry sklep

    Wow, incredible weblog structure! How lengthy have you ever been running
    a blog for? you made blogging glance easy. The overall look of your site is
    great, as well as the content material! You can see similar here sklep

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *